في بداية القرن الواحد والعشرين ظهرت الصين کقوة اقتصادية کبري عالمياً ، وقد شهدت منذ نهاية السبعينات تجربة تنموية رائدة ، من اقتصاد يقوم في الأساس علي الزراعة إلي مصنع العالم ، لتنتشل بذلک نحو 700 مليون شخص من الفقر ، وهي حالياً أکبر بلاد العالم سکاناً (38,1 مليار نسمة ) ، وأکبر مساهم في النمو العالمي ، وأکبر دولة مصدرة في العالم ، وثاني أکبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة
وفي نهاية السبعينات من القرن العشرين ، وضعت الصين تحديث اقتصادها في المرکز الأول من أولوياتها ، وعملت کل ما بوسعها من أجل تحقيق هذا الهدف ، فتخلت تدريجياً عن التخطيط المرکزي لصالح اقتصاد السوق ، وعبأت مصادرها الضخمة من الأيدي العاملة ، وبذلت جهداً استثمارياً هائلاً من أجل تحديث الصناعة ، وتطوير البني التحتية ، وجذبت الصين استثمارات أجنبية کثيفة ، خلقت قدرات إنتاجية جديدة في القطاعات التي تستجيب للطلب المحلي والعالمي ، وقد مرت عملية تنمية قطاعات الاقتصاد الصيني خلال الفترة التي أعقبت الثورة عام 1949 بالعديد من المراحل المهمة ، ويعد الانفتاح والإصلاح الاقتصادي الذي حدث بعد عام 1978 هو المرحلة الأبرز في مسيرة التجربة التنموية الصينية ، وهي التي ساهمت في نقل الاقتصاد الصيني من التخلف إلي منافسة القوي الاقتصادية الکبرى في العالم ، وقد قدمت التجربة الصينية في التنمية الدليل والمرشد لدول العالم الثالث التي مازالت تتعثر خطط التنمية الاقتصادية بها ، بوصفها نموذج في التنمية استطاع أن ينمو باستقلالية وبغير انعزالية ، ومن ناحية أخري تواجه عملية التنمية في الصين الکثير من العقبات والتحديات التي قد تؤثر علي مستقبلها ، ومع ذلک فإن الاقتصاد الصيني مرشح خلال السنوات والعقود القادمة أن يکون الاقتصاد الأکبر في العالم متفوقاً بذلک علي الولايات المتحدة الأمريکية .
وقد أصبحت معدلات التقدم الاقتصادي والتکنولوجي في الصين سريعة للغاية ، وتحقق الصين معدل نمو سنوي مازال هو الأعلى عالمياُ منذ عقود ، وقد أصبحت الصين اليوم هي مصنع العالم ، وذلک من خلال العمالة الرخيصة ذات الأعداد الضخمة ،وتعاظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، في مزيج من رأس المال والمعرفة التکنولوجية ، والتي أتاحت الفرصة للاقتصاد الصيني للازدهار أکثر من أي بلد أخر ، ومن ناحية أخري ، يعد من الطبيعي أن يکون هناک الکثير من العقبات والمشکلات التي تقابل هذه التجربة الهائلة في التغيير الاقتصادي والاجتماعي .
وتبرز الأهمية العلمية لهذا الموضوع في تناوله لواحدة من أهم الاهتمامات البحثية في الدراسات الأکاديمية المعاصرة ، حيث أصبحت الصين بفضل التنامي المستمر لمکانتها الاقتصادية محل اهتمام مختلف مؤسسات الفکر والمعاهد الاقتصادية المتخصصة عبر أنحاء العالم ، کما تکتسب التجربة الصينية أهميتها مما حققته من انجازات اقتصادية هائلة ، بعد أن کانت قبلها واحدة من أکثر بلدان العالم تخلفاً ، وبالتالي فمن الضروري دراسة هذه التجربة التنموية الرائدة وتتبع أبعادها ومراحلها وتحولاتها ، واستخلاص الدروس المستفادة منها .
فاروق عباس, احمد. (2019). التجربة التنموية في الصين .. الواقع والتحديات. المجلة العلمية للإقتصاد و التجارة, 49(3), 545-578. doi: 10.21608/jsec.2019.94567
MLA
احمد فاروق عباس. "التجربة التنموية في الصين .. الواقع والتحديات", المجلة العلمية للإقتصاد و التجارة, 49, 3, 2019, 545-578. doi: 10.21608/jsec.2019.94567
HARVARD
فاروق عباس, احمد. (2019). 'التجربة التنموية في الصين .. الواقع والتحديات', المجلة العلمية للإقتصاد و التجارة, 49(3), pp. 545-578. doi: 10.21608/jsec.2019.94567
VANCOUVER
فاروق عباس, احمد. التجربة التنموية في الصين .. الواقع والتحديات. المجلة العلمية للإقتصاد و التجارة, 2019; 49(3): 545-578. doi: 10.21608/jsec.2019.94567