الذکاء الأخلاقي وعلاقته بمرکز الضبط المُدرَّک

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية التجارة - جامعة القاهرة

المستخلص

في ظل بيئة الأعمال المعاصرة وما تشهده من العديد من التحولات
(ومنها العولمة، التنافسية، التکتلات الاقتصادية، تنوع قوي العمل، الثورات التکنولوجية، ثورة الجودة، المسئولية الاجتماعية للمنظمات) علي کافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والتکنولوجية والمعلوماتية والثقافية وما تفرزه من تحديات تواجه المنظمات نجد أن رأس المال البشري هو السبيل لمواجهة تلک التحديات حيث يمثل في ضوء إحصائيات البنک الدولي أکثر من 64% من الثروة العالمية. هذه التحديات هي ليست نظام أو قوانين تُفرض من الخارج بل هي هيمنة لم تقتصر على الناحية الاقتصادية فحسب بل شملت المجالات الثقافية، والاجتماعية، والتعليمية وحتي النسق القيمي والأخلاقي، لذا يجب الانتباه إلي الخطر المحتمل ألا وهو أن تُخْتَرَقْ الثقافة العربية، إذ لا يقتصر أثر تلک التحديات علي فرض سلوکيات قد لا تتماشى مع قيم وأخلاق وطبائع المجتمعات العربية فحسب بل أنها تشکل الخطر الأکبر في تأثيرها على تشکيل الوعي الأخلاقي وصياغة الشخصية العربية وعلى القيم والأخلاق وطريقة التفکير والتصرف عى کافة فئات المجتمع  (عبدالحميد، 2012). لذا يجب أن يتم النهوض بالمنظمات فهي بحاجة إلي جهود خارقة لتستوعب تلک التحديات والعمل على ترسيخ القيم والمبادئ من أجل تحقيق الأمن الأخلاقي عن طريق تنمية الذکاء الأخلاقي والذي يعد أحد رکائز النجاح التنظيمي في بيئة الأعمال المعاصرة.
وقد شهدت الآونة الأخيرة اهتماماً متزايداً بمفهوم الذکاء الأخلاقي والذي يعد من المفاهيم الحديثة التي دخلت مؤخراً مجال إدارة الموارد البشرية والسلوک التنظيمي. وانعکس هذا الاهتمام في ظهور العديد من الدراسات الأجنبية والعربية التي تناولته من زوايا مختلفة بخلاف الزاوية الإدارية حيث وُجِدَ أن دراسته أقل شيوعاً في المجال الإداري برغم أنه ينبغي أخذه في الاعتبار عند التعامل مع البشر في مختلف مجالات الحياة (Najafian, et. al., 2014، الموزاني؛ الخفاجي، 2015). وقد اتضح من دراسات العلماء أن لديهم وعياً متزايداً بأن الذکاء البشري مُتعدد الأوجه وأن الذکاء الأخلاقي ليس مهماً فقط لتحقيق فعالية الأفراد بل يعد الذکاء المرکزي (Central Intelligence) لجميع الأفراد، إذ أنه يُوجِّه الأنواع الأخرى من الذکاءات ويؤثر إيجاباً في الشخصية (Beheshtifar, et. al, 2011). وأنه حينما تتشکل قدرات هذا النوع من الذکاء يستطيع الفرد أن يحقق الإيجابية في عمله وفي شتى مجالات حياته، وهو ما يُعرف بـ "الرأسمال المعرفي" (Cognitive Capital) حيث يستثمر أفراد المنظمة نشاطهم الفکري لخدمة مصالحها. کما أنه إذا التزموا به اکتسبوا "الصحة التنظيمية"، وتحقق الرخاء التنظيمي وتَدَنَّتْ مظاهر الانحراف والمخاطر من المنظمات (Pavlidis, 2012، الخولي، ٢٠١٧). حيث تواجه منظمات اليوم بشکل متزايد ما يسمي بـ «المعضلة الأخلاقية للثورة الصناعية الرابعة» وهو ما دعي کبري الشرکات العالمية مؤخراً للبحث عن صياغة هيکل أخلاقي يتواکب مع هذه الثورة والتي يصفها الخبراء بأنها بمثابة تسونامي التقدم التکنولوجي الذي سيغير في الکثير من تفاصيل الحياة البشرية والتي تلت الثورة الصناعية الثالثة (وهي ثورة الحوسبة الرقمية التي انطلقت في خمسينات القرن الماضي ووصلت إلى ذروتها وتطبيقاتها في الذکاء الصناعي والتکنولوجيا الحيوية وثلاثية الأبعاد والثورة الحاصلة في مجال مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الرقمي). فعلم الأخلاق لا يتناسب مع عالم التقنية بسهولة وعادة ما يجد بني الإنسان صعوبة في استحداث الفضائل ليوجَّهوا سلوکهم بناءً عليها أو يتصرفوا وفقاً لها، فما بالنا في حفظ فضائل من نوعها ضمن التقنيات الجديدة.
 وعلي الجانب الآخر؛ يعد مفهوم مرکز الضبط من أهم وأحدث المتغيرات السيکولوجية التي تُفسِّر السلوک الإنساني، وذلک لقدرته على فهم سلوک الفرد والتنبؤ بدوافعه في المواقف التنظيمية المختلفة، کما أنه يساعد في تنظيم التوقعات الإنسانية ومصادرها، فهو يمثل أحد المکونات التي تساعد على معرفة العلاقة بين سلوک الفرد ونتيجة هذا السلوک، ومدى إرجاعه لإنجازاته ونجاحه فيها أو فشله إلي قدراته أو قدرات الغير، وعليه فإنه يلعب دوراً هاماً في حياة الفرد النفسية والاجتماعية وبالتالي التنظيمية
(El Badawy; Magdy, 2017، أحمد، 2014).   

الكلمات الرئيسية


المجلد 48، العدد 2
ابحاث فى تخصصات ادارة الاعمال - المحاسبة - الاقتصاد - الاحصاء باللعة العربیة واللغة الانجلیزیة
2018
الصفحة 13-96